عشاق وعاشقات اهل البيت عليهم السلام
هلا بيكم في منتدى عشاق وعاشقات اهل البيت عليهم السلام نرجو تسجيلكم في المنتدى ومساعدتنا في نشر علوم اهل البيت عليهم السلام ونرحب بكم مر وقضاء وقت ممتع معنا ادارة المنتدى
عشاق وعاشقات اهل البيت عليهم السلام
هلا بيكم في منتدى عشاق وعاشقات اهل البيت عليهم السلام نرجو تسجيلكم في المنتدى ومساعدتنا في نشر علوم اهل البيت عليهم السلام ونرحب بكم مر وقضاء وقت ممتع معنا ادارة المنتدى
عشاق وعاشقات اهل البيت عليهم السلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عشاق وعاشقات اهل البيت عليهم السلام

عشاق الحسين اهالي ذي قار (الناصرية)
 
الرئيسيةاتصل بناأحدث الصورالتسجيلدخولfacebookفي حب الحسين
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
مايو 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
   1234
567891011
12131415161718
19202122232425
262728293031 
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



اللهم صل على محمد وال محمد
صلوات على محمد وال محمد اللهم صل على محمد وال محمد

 

 الميزان في تفسير القران الكريم الصفحة31

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 940
نقاط : 2781
من لم يشكر الناس لم يشكر الله : 0
تاريخ التسجيل : 17/07/2012
العمر : 28
الموقع : back95.allahmountada.com

الميزان في تفسير القران الكريم الصفحة31 Empty
مُساهمةموضوع: الميزان في تفسير القران الكريم الصفحة31   الميزان في تفسير القران الكريم الصفحة31 Icon_minitimeالأحد سبتمبر 23, 2012 3:36 pm

اقتباس :
المعاني على اختلاف أنظار المفسرين غير أن قوله تعالى في سورة الحجر فيما حكاه عنه: " قال رب بما أغويتني لا زينن لهم في الارض ولاغوينهم أجمعين " يؤيد أن مراده هو المعنى الاول، والباء في قوله " فبما " للسببيه أو المقابلة، والمعنى: فبسبب إغوائك إياي أو في مقابلة إغوائك إياي لاقعدن لهم الخ، وقد أخطا من قال: إنها للقسم وكأن القائل أراد أن يطبقه على قوله تعالى في موضع آخر حكاية عنه: " قال فبعزتك لاغوينهم أجمعين " ص: 82.
وقوله: " لاقعدن لهم صراطك المستقيم " أي لاجلسن لاجلهم على صراطك المستقيم وسبيلك السوي الذي يوصلهم إليك وينتهي بهم إلى سعادتهم لما أن الجميع سائرون إليك سالكون لا محالة مستقيم صراطك فالقعود على الصراط المستقيم كنايه عن التزامه والترصد لعابريه ليخرجهم منه.
وقوله: " ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم " بيان لما يصنعه بهم وقد كمن لهم قاعدا على الصراط المستقيم، وهو أنه يأتيهم من كل جانب من جوانبهم الاربعة.
وإذ كان الصراط المستقيم الذي كمن لهم قاعدا عليه أمرا معنويا كانت الجهات التي يأتيهم منها معنوية لا حسية والذي يستأنس من كلامه تعالى لتشخيص المراد بهذه الجهاد كقوله تعالى: " يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا " النساء: 120، وقوله: " إنما ذلكم الشيطان يخوف ألياءه " آل عمران: 175 وقوله: " ولا تتبعوا خطوات الشيطان " البقرة: 168، وقوله: " الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء " البقرة: 268 إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة هو أن المراد مما بين أيديهم ما يستقبلهم من الحوادث أيام حياتهم مما يتعلق به الآمال والاماني من الامور التي تهواه النفوس وتستلذه الطباع، ومما يكرهه الانسان ويخاف نزوله به كالفقر يخاف منه لو أنفق المال في سبيل الله أو ذم الناس ولومهم لو ورد سبيلا من سبل الخير والثواب.
والمراد بخلقهم ناحية الاولاد والاعقاب فللانسان فيمن يخلفه بعده من الاولاد آمال وأماني ومخاوف ومكاره فإنه يخيل إليه أنه يبقى ببقائهم فيسره ما يسرهم ويسوءه ما يسوؤهم فيجمع المال من حلاله وحرامه لاجلهم، ويعد لهم ما استطاع من قوة فيهلك


الصفحة 32

نفسه في سبيل حياتهم.
والمراد باليمين وهو الجانب القوي الميمون من الانسان ناحية سعادتهم وهو الدين وإتيانه من جانب اليمين أن يزين لهم المبالغة في بعض الامور الدينية، والتكلف بما لم يأمرهم به الله وهو الذي يسميه الله تعالى باتباع خطوات الشيطان.
والمراد بالشمال خلاف اليمين، وإتيانه منه أن يزين لهم الفحشاء والمنكر ويدعوهم إلى ارتكاب المعاصي واقتراف الذنوب واتباع الاهواء.
قال الزمخشري في الكشاف: فإن قلت: كيف قيل: " من بين أيديهم ومن خلفهم " بحرف الابتداء، و " عن أيمانهم وعن شمائلهم " بحرف المجاوزة؟ قلت: المفعول فيه عدي إليه الفعل نحو تعديته إلى المفعول به فكما اختلفت حروف التعدية في ذاك اختلفت في هذا وكانت لغه تؤخذ ولا تقاس وإنما يبحث عن صحة موقعها فقط.
فلما سمعناهم يقولون: جلس عن يمينه وعلى يمينه وجلس عن شماله وعلى شماله قلنا: معنى على يمينه أنه تمكن من جهة اليمين تمكن المستعلي من المستعلى عليه، ومعنى عن يمينه أنه جلس متجافيا عن صاحب اليمين منحرفا عنه غير ملاصق له ثم كثر حتى استعمل في المتجافي وغيره كما ذكرنا في " تعال " انتهى موضع الحاجة.
وقوله تعالى: " ولا تجد أكثرهم شاكرين " نتيجة ما ذكره من صنعه بهم بقوله: " لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم " الخ، وقد وضع في ما حكاه الله من كلامه في غير هذا الموضع بدل هذه الجملة أعني " ولا تجد أكثرهم شاكرين " جملة إخرى قال: " قال أ رأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا " أسرى: 62 فاستثنى من وسوسته وإغوائه القليل مطابقا لما في هذه السورة، وقال: " لاغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين " الحجر: 40، ص: 83.
ومنه يظهر أنه إنما عنى بالشاكرين في هذا الموضع المخلصين، والتأمل الدقيق في معنى الكلمتين يرشد إلى ذلك فإن المخلصين - بفتح اللام - هم الذين أخلصوا لله فلا يشاركه فيهم أي في عبوديتهم وعبادتهم سواه، ولا نصيب فيهم لغيره ولا يذكرون إلا ربهم وقد نسوا دونه كل شئ حتى أنفسهم فليس في قلوبهم إلا هو سبحانه، ولا موقف فيها للشيطان ولا لتزييناته.
الصفحة 33

والشاكرون هم الذين استقرت فيهم صفة الشكر على الاطلاق فلا يمسون نعمة إلا بشكر أي بأن يستعملوها ويتصرفوا فيها قولا أو فعلا على نحو يظهرون به أنها من
عند ربهم المنعم بها عليهم فلا يقبلون على شئ - أعم من أنفسهم وغيرهم - إلا وهم على ذكر من ربهم قبل أن يمسوه ومعه وبعده، وأنه مملوك له تعالى طلقا ليس له من الامر شئ فذكرهم ربهم على هذه الوتيرة ينسيهم ذكر غيره إلا بالله، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه.
فلو أعطي اللفظ حق معناه لكان الشاكرون هم المخلصين، واستثناء إبليس الشاكرين أو المخلصين من شمول إغوائه وإضلاله جرى منه على حقيقة الامر اضطرارا ولم يأت به جزافا أو امتنانا على بني آدم أو رحمة أو لغير ذلك.
فهذا ما واجه إبليس به مصدر العزة والعظمة أعني قوله: " فبما أغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم - إلى قوله - ولا تجد أكثرهم شاكرين " فأخبر أنه يقصدهم من كل جهة ممكنة، ويفسد الامر على أكثرهم بإخراجهم عن الصراط المستقيم، ولم يبين نحو فعله وكيفية صنعه.
لكن في كلامه إشارة إلى حقيقتين: أحداهما: أن الغواية التي تمكنت في نفسه وهو ينسبها إلى صنع الله هي السبب لا ضلاله وإغوائه لهم أي أنه يمسهم بنفسه الغوية فلا يودع فيهم إلا الغواية كالنار التي تمس الماء بسخونتها فتسخنه، وهذه الحقيقة ظاهرة من قوله تعالى: " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم - إلى أن قال - وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قالوا بل لم تكونوا مؤمنين - إلى أن قال - فأغويناكم إنا كنا غاوين " الصافات: 32.
والثانية: أن الذي يمسه الشيطان من بني آدم - وهو نوع عمله وصنعه - هو الشعور الانساني وتفكره الحيوي المتعلق بتصورات الاشياء والتصديق بما ينبغى فعله أو لا ينبغي، وسيجئ تفصيله في الكلام في إبليس وعمله.
قوله تعالى: " قال اخرج منها مذؤوما مدحورا لمن تبعك " (الخ) المذؤوم من ذامه يذامه ويذيمه إذا عابه وذمه، والمدحور من دحره إذا طرده ودفعه بهوان.
الصفحة 34

وقوله: " لمن تبعك منهم " الخ، اللام للقسم وجوابه هو قوله: " لاملان جهنم " الخ، لما كان مورد كلام إبليس - وهو في صورة التهديد بالانتقام - هو بني آدم وأنه سيبطل غرض الخلقة فيهم وهو كونهم شاكرين أجابه تعالى بما يفعل بهم وبه فقال: " لمن تبعك منهم " محاذاة لكلامه ثم قال: " لاملان جهنم منكم أجمعين " أي منك ومنهم فأشركه في الجزاء معهم.
وقد امتن تعالى في كلمته هذه التي لا بد أن تتم فلم يذكر جميع من تبعه بل أتى بقوله: " منكم " وهو يفيد التبعيض.
قوله تعالى: " ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة " إلى آخر الآية.
خص بالخطاب آدم (عليه السلام) وألحق به في الحكم زوجته، وقوله: " فكلا من حيث شئتما " توسعة في إباحة التصرف إلا ما استثناه بقوله: " ولا تقربا هذه الشجرة " والظلم هو الظلم على النفس دون معصية الامر المولوي فإن الامر إرشادي.
قوله تعالى: " فوسوس لهما الشيطان " إلى آخر الآية.
الوسوسة هي الدعاء إلى أمر بصوت خفي، والمواراة ستر الشئ بجعله وراء ما يستره، والسوآة جمع السؤة وهي العضو الذي يسوء الانسان إظهاره والكشف عنه، وقوله: " ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين " الخ، أي إلا كراهة أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين.
والملك وأن قرئ بفتح اللام إلا أن فيه معنى الملك - بالضم فالسكون - والدليل عليه قوله في موضع آخر: " قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى " طه: 120.
ونقل في المجمع عن السيد المرتضى رحمه الله احتمال أن يكون المراد بقوله: " إلا أن تكونا ملكين " الخ، إنه أوهمهما أن المنهي عن تناول الشجرة الملائكة خاصة والخالدون دونهما فيكون كما يقول أحدنا لغيره: ما نهيت عن كذا إلا أن تكون فلانا، وإنما يريد إن المنهي إنما هو فلان دونك، وهذا أوكد في الشبهة واللبس عليهما (انتهى).
لكن آية سورة طه المنقولة آنفا تدفعه.
قوله تعالى: " وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين " المقاسمة المبالغة في القسم أي حلف لهما
الصفحة 35

وأغلظ في حلفه أنه لهما لمن الناصحين، والنصح خلاف الغش.
قوله تعالى: " فدليهما بغرور إلى آخر الآية.
التدلية التقريب والايصال كما أن التدلي الدنو والاسترسال، وكأنه من الاستعارة من دلوت الدلو أي أرسلتها، والغرور إظهار النصح مع إبطان الغش، الخصف الضم والجمع، ومنه خصف النعل.
وفي قوله: " وناداهما ربهما أ لم أنهكما عن تلكما الشجرة " دلالة على أنهما عند توجه هذا الخطاب كانا في مقام البعد من ربهما لان النداء هو الدعاء من بعد، وكذا من الشجرة بدليل قوله: " تلكما الشجرة " بخلاف قوله عند أول ورودهما الجنة: " ولا تقربا هذه الشجرة ".
قوله تعالى: " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " هذا منهما نهاية التذلل والابتهال، ولذلك لم يسألا شيئا وإنما ذكرا حاجتهما إلى المغفرة والرحمة وتهديد الخسران الدائم المطلق لهما حتى يشاء الله ما يشاء.

قوله تعالى: " قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو " إلى آخر الآية، كأن الخطاب لآدم وزوجته وإبليس، وعداوة بعضهم لبعض هو ما يشاهد من اختلاف طبائعهم، وهذا قضاء منه تعالى والقضاء الآخر قوله: " ولكم في الارض مستقر ومتاع إلى حين " أي إلى آخر الحياة الدنيوية، وظاهر السياق أن الخطاب الثاني أيضا يشترك فيه الثلاثة.
قوله تعالى: " قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون " قضاء آخر يوجب تعلقهم بالارض إلى حين البعث، وليس من البعيد أن يختص هذا الخطاب بآدم وزوجته وبنيهما، لما فيه من الفصل بلفظة " قال " وقد مر تفصيل الكلام في قصة الجنة في سورة البقرة فليراجعها من شاء.
(كلام في إبليس وعمله) عاد موضوع إبليس موضوعا مبتذلا عندنا لا يعبأ به دون أن نذكره أحيانا ونلعنه أو نتعوذ بالله منه أو نقبح بعض أفكارنا بأنها من الافكار الشيطانية ووساوسه ونزغاته دون أن نتدبر فنحصل ما يعطيه القرآن الكريم في حقيقة هذا الموجود العجيب
الصفحة 36

الغائب عن حواسنا، وما له من عجيب التصرف والولاية في العالم الانساني.
وكيف لا وهو يصاحب العالم الانساني على سعة نطاقه العجيبة منذ ظهر في الوجود حتى ينقضي أجله وينقرض بانطواء بساط الدنيا ثم يلازمه بعد الممات ثم يكون قرينه حتى يورده النار الخالدة، وهو مع الواحد منا كما هو مع غيره هو معه في علانيته وسره يجاريه كلما جرى حتى في أخفى خيال يتخيله في زاوية من زوايا ذهنه أو فكرة يواريها في مطاوى سريرته لا يحجبه عنه حاجب، ولا يغفل عنه بشغل شاغل.
وأما الباحثون منا فقد أهملوا البحث عن ذلك وبنوا على ما بنى عليه باحثوا الصدر الاول سالكين ما خطوا لهم من طريق البحث، وهي النظريات الساذجة التي تلوح للافهام العامية لاول مرة تلقوا الكلام الالهي ثم التخاصم في ما يهتدي إليه فهم كل طائفة خاصة، والتحصن فيه ثم الدفاع عنه بأنواع الجدال، والاشتغال بإحصاء إشكالات القصة وتقرير السؤال والجواب بالوجه بعد الوجه.
لم خلق الله إبليس وهو يعلم من هو؟ لم أدخله في جمع الملائكة وليس منهم؟ لم أمره بالسجدة وهو يعلم أنه لا يأتمر؟ لم لم يوفقه للسجدة وأغواه؟ لم لم يهلكه حين لم يسجد؟ لم أنظره إلى يوم يبعثون أو إلى يوم الوقت المعلوم؟ لم مكنه من بني آدم هذا التمكين العجيب الذي به يجري منهم مجرى الدم؟ لم أيده بالجنود من خيل ورجل وسلطه على جميع ما للحياة الانسانية به مساس؟ لم لم يظهره على حواس الانسان ليحترز مساسه؟ لم لم يؤيد الانسان بمثل ما أيده به؟ ولم لم يكتم أسرار خلقة آدم وبنيه من إبليس حتى لا يطمع في إغوائهم؟ وكيف جازت المشافهة بينه وبين الله سبحانه وهو أبعد الخليقة منه وأبغضهم إليه ولم يكن بنبي ولا ملك؟ فقيل بمعجزة وقيل: بإيجاد آثار تدل على المراد ولا دليل على شئ من ذلك.
ثم كيف دخل إبليس الجنة؟ وكيف جاز وقوع الوسوسة والكذب والمعصية هناك وهي مكان الطهارة والقدس؟ وكيف صدقه آدم وكان قوله مخالفا لخبر الله؟ وكيف طمع في الملك والخلود وذلك يخالف اعتقاد المعاد؟ وكيف جازت منه المعصية وهو نبي معصوم؟ وكيف قبلت توبته ولم يرد إلى مقامه الاول والتائب من الذنب كمن لا ذنب له؟ وكيف.
.
.
؟ وكيف.
.
.
.
؟
الصفحة 37

وقد بلغ من إهمال الباحثين في البحث الحقيقي واسترسالهم في الجدال إشكالا وجوابا أن ذهب الذاهب منهم إلى أن المراد بآدم هذا آدم النوعي والقصة تخييليه محضة واختار آخرون أن إبليس الذي يخبر عنه القرآن الكريم هو القوة الداعية إلى الشر من الانسان !.
وذهب آخرون إلى جواز انتساب القبائح والشنائع إليه تعالى وأن جميع المعاصي من فعله، وأنه يخلق الشر والقبيح فيفسد ما يصلحه، وأن الحسن هو الذي أمر به والقبيح هو الذي نهى عنه، وآخرون: إلى أن آدم لم يكن نبيا، وآخرون: إلى أن الانبياء غير معصومين مطلقا، وآخرون إلى أنهم غير معصومين قبل البعثة وقصة الجنة قبل بعثة آدم، وآخرون: إلى أن ذلك كله من الامتحان واختبار ولم يبينوا ما هو الملاك الحقيقي في هذا الامتحان الذي يضل به كثيرون ويهلك به الاكثرون، ولو لا وجود ملاك يحسم مادة الاشكال لعادت الاشكالات بأجمعهم.
والذي يمنع نجاح السعي في هذه الابحاث ويختل به نتائجها هو أنهم لم يفرقوا في هذه المباحث جهاتها الحقيقية من جهاتها الاعتبارية، ولم يفصلوا التكوين عن التشريع فاختل بذلك نظام البحث، وحكموا في ناحية التكوين غالبا الاصول الوضيعة الاعتبارية الحاكمة في التشريعيات والاجتماعيات.
والذي يجب تحريره وتنقيحه على الحر الباحث عن هذه الحقائق الدينية المرتبطة بجهات التكوين أن يحرر جهات: الاولى: أن وجود شئ من الاشياء التي يتعلق بها الخلق والايجاد في نفسه - أعني وجوده النفسي من غير إضافة - لا يكون إلا خيرا ولا يقع إلا حسنا، فلو فرض محالا تعلق الخلقة بما فرض شرا في نفسه عاد أمرا موجودا له آثار وجودية يبتدئ
من الله ويرتزق برزقه ثم ينتهي إليه فحاله حال سائر الخليقة ليس فيه أثر من الشر والقبح إلا أن يرتبط وجوده بغيره فيفسد نظاما عادلا في الوجود أو يوجب حرمان جمع من الموجودات من خيرها وسعادتها، وهذه هي الاضافة المذكورة.
ولذلك كان من الواجب في الحكمة الالهية أن ينتفع من هذه الموجودات المضرة الوجود بما يربو على مضرتها وذلك قوله تعالى: " الذي أحسن كل شئ خلقه " السجدة : 7،
الصفحة 38

وقوله: " تبارك الله رب العالمين " الاعراف: 54، وقوله: " وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " أسرى: 44.
والثانية: أن عالم الصنع والايجاد على كثرة أجزائه وسعة عرضه مرتبط بعضه ببعض معطوف آخره إلى أوله فإيجاد بعضه إنما هو بإيجاد الجميع، وإصلاح الجزء إنما هو بإصلاح الكل فالاختلاف الموجود بين أجزاء العالم في الوجود وهو الذي صير العالم عالما ثم ارتباطها يستلزم استلزاما ضروريا في الحكمة الالهية نسبة بعضها إلى بعض بالتنافي والتضاد أو بالكمال والنقص والوجدان والفقدان والنيل والحرمان، ولو لا ذلك عاد جميع الاشياء إلى شئ واحد لا تميز فيه ولا اختلاف ويبطل بذلك الوجود قال تعالى: " وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر " القمر: 50.
فلو لا الشر والفساد والتعب والفقدان والنقص والضعف وأمثالها في هذا العالم لما كان للخير والصحة والراحة والوجدان والكمال والقوة مصداق، ولا عقل منها معنى لانا إنما ناخذ المعاني من مصاديقها.
ولو لا الشقاء لم تكن سعادة، ولو لا المعصية لم تتحقق طاعة، ولو لا القبح والذم لم توجد حسن ولا مدح، ولو لا العقاب لم يحصل ثواب، ولو لا الدنيا لم تتكون آخره.
فالطاعة مثلا امتثال الامر المولوي فلو لم يمكن عدم الامتثال الذي هو المعصية لكان الفعل ضروريا لازما، ومع لزوم الفعل لا معنى للامر المولوي لامتناع تحصيل الحاصل ومع عدم الامر المولوي لا مصداق للطاعه ولا مفهوم لها كما عرفت.
ومع بطلان الطاعة والمعصية يبطل المدح والذم المتعلق بهما والثواب والعقاب والوعد والوعيد والانذار والتبشير ثم الدين والشريعة والدعوة ثم النبوة والرسالة ثم الاجتماع والمدنية ثم الانسانية ثم كل شئ، وعلى هذا القياس جميع الامور المتقابلة في النظام، فافهم ذلك.
ومن هنا ينكشف لك أن وجود الشيطان الداعي إلى الشر والمعصية من أركان نظام العالم الانساني الذي إنما يجرى على سنة الاختيار ويقصد سعادة النوع.
وهو كالحاشية المكتنفة بالصراط المستقيم الذي في طبع هذا النوع أن يسلكه كادحا إلى ربه ليلاقيه، ومن المعلوم أن الصراط إنما يتعين بمتنه صراطا بالحاشية الخارجة عنه
الصفحة 39

الحافة به فلولا الطرف لم يكن وسط فافهم ذلك وتذكر قوله تعالى: " قال فبما أغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم " الاعراف: 16، وقوله: " قال: هذا صراط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين " الحجر: 42.
إذا تأملت في هاتين الجهتين ثم تدبرت آيات قصة السجدة ه وجدتها صورة منبئة عن الروابط الواقعية التي بين النوع الانساني والملائكة وإبليس عبر عنها بالامر والامتثال والاستكبار والطرد والرجم والسؤال والجواب، وأن جميع الاشكالات الموردة فيها ناشئة من التفريط في تدبر القصة حتى أن بعض (1) من تنبه لوجه الصواب وأنها تشير إلى ما عليه طبائع الانسان والملك والشيطان ذكر أن الامر والنهي - يريد أمر إبليس بالسجدة ونهي آدم عن أكل الشجرة - تكوينيان فأفسد بذلك ما قد كان إصلحه، وذهل عن أن الامر والنهي التكوينيين لا يقبلان التخلف والمخالفة، وقد خالف إبليس الامر وخالف آدم النهي.
الثالثة: أن قصة الجنة مدلولها - على ما تقدم تفصيل القول فيها في سورة البقرة - ينبئ عن أن الله سبحانه خلق جنة برزخية سماوية، وأدخل آدم فيها قبل أن يستقر عليه الحياة الارضية، ويغشاه التكليف المولوي ليختبي بذلك الطباع الانساني فيظهر به أن الانسان لا يسعه إلا أن يعيش على الارض، ويتربى في حجر الامر والنهي فيستحق السعادة والجنة بالطاعة، وأن كان دون ذلك فدون ذلك، ولا يستطيع الانسان أن يقف في موقف القرب وينزل في منزل السعادة إلا بقطع هذا الطريق.
وبذلك ينكشف أن لا شئ من الاشكالات التي أوردوها في قصة الجنة فلا الجنة كانت جنة الخلد التي لا يدخلها إلا ولي من أولياء الله تعالى دخولا لا خروج بعده إبدا، ولا الدار كانت دارا دنيوية يعاش فيها عيشة دنيوية يديرها التشريع ويحكم فيها الامر والنهي المولويان بل كانت دارا يظهر فيها حكم السجية الانسانية لا سجية آدم (عليه السلام) بما هو شخص آدم إذ لم يؤمر بالسجدة له ولا أدخل الجنة إلا لانه إنسان كما تقدم بيانه.


____________________________

(1) صاحب المنار في المجلد 8 من التفسير تحت عنوان " الاشكالات في القصة ".
الصفحة 40

رجعنا إلى أول الكلام: لم يصف الله سبحانه من ذات هذا المخلوق الشرير الذي سماه إبليس إلا يسيرا وهو قوله تعالى: " كان من الجن ففسق عن أمر ربه " الكهف: 50، وما حكاه عنه في كلامه: " خلقتني من نار " فبين أن بدء خلقته كان من نار من سنخ الجن وإما ما الذي آل إليه أمره فلم يذكره صريحا كما أنه لم يذكر تفصيل خلقته كما فصل القول في خلقة الانسان.
نعم هناك آيات واصفة لصنعه وعمله يمكن أن يستفاد منها ما ينفع في هذا الباب قال تعالى حكايه عنه: " لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين " الاعراف: 17.
فأخبر أنه يتصرف فيهم من جهة العواطف النفسانية من خوف ورجاء وأمنية وأمل وشهوة وغضب ثم في أفكارهم وإرادتهم المنبعثة منها.
كما يقارنه في المعنى قوله: " قال رب بما أغويتني لازينن لهم في الارض " الحجر: 39، أي لازينن لهم الامور الباطلة الرديئة الشوهاء بزخارف وزينات مهيأة من تعلق العواطف الداعية نحو اتباعها ولاغوينهم بذلك كالزنا مثلا يتصوره الانسان وتزينه في نظره الشهوة ويضعف بقوتها ما يخطر بباله من المحذور في اقترافه فيصدق به فيقترفه، ونظير ذلك قوله: " يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا " النساء: 120، وقوله: " فزين لهم الشيطان أعمالهم " النحل: 63.
كل ذلك - كما ترى - يدل على أن ميدان عمله هو الادراك الانساني ووسيلة عمله العواطف والاحساسات الداخلة فهو الذي يلقي هذه الاوهام الكاذبة والافكار الباطلة في النفس الانسانية كما يدل عليه قوله: " الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس " الناس: 5.
لكن الانسان مع ذلك لا يشك في أن هذه الافكار والاوهام المسماة وساوس شيطانية أفكار لنفسه يوجدها هو في نفسه من غير أن يشعر بأحد سواه يلقيها إليه أو يتسبب إلى ذلك بشئ كما في سائر أفكاره وآرائه التي لا تتعلق بعمل وغيره كقولنا:
الصفحة 41

الواحد نصف الاثنين والاربعة زوج وأمثال ذلك.
فالانسان هو الذي يوجد هذه الافكار والاوهام في نفسه كما أن الشيطان هو الذي يلقيها إليه ويخطرها بباله من غير تزاحم، ولو كان تسببه فيها نظير التسببات الدائرة فيما بيننا لمن ألقى إلينا خبرا أو حكما أو ما يشبه ذلك لكان إلقاؤه إلينا لا يجامع استقلالنا في التفكير، ولا نتفت نسبة الفعل الاختياري إلينا لكون العلم والترجيح والارادة له لا لنا، ولم يترتب على الفعل لوم ولا ذم ولا غيره، وقد نسبه الشيطان نفسه إلى الانسان فيما حكاه الله من قوله يوم القيامة: " وقال الشيطان لما قضي الامر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم " إبراهيم: 22، فنسب الفعل والظلم واللوم إليهم وسلبها عن نفسه، ونفى عن نفسه كل سلطان إلا السلطان على الدعوة والوعد الكاذب كما قال تعالى: " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين " الحجر: 42 فنفى سبحانه سلطانه إلا في ظرف الاتباع ونظيره قوله تعالى: " قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد " ق: 27.
وبالجملة فإن تصرفه في إدراك الانسان تصرف طولي لا ينافي قيامه بالانسان وانتسابه إليه انتساب الفعل إلى فاعله لا عرضي ينافي ذلك.
فله أن يتصرف في الادراك الانساني بما يتعلق بالحياة الدنيا في جميع جهاتها بالغرور والتزيين فيضع الباطل مكان الحق ويظهره في صورته فلا يرتبط الانسان بشئ إلا من وجهه الباطل الذي يغره ويصرفه عن الحق، وهذا هو الاستقلال الذي يراه الانسان لنفسه أولا ثم لسائر الاسباب التي يرتبط بها في حياته فيحجبه ذلك عن الحق ويلهوه عن الحياة الحقيقية كما تقدم استفاده ذلك من قوله المحكي: " فبما أغويتني لاقعدن لهم " الاعراف: 16، وقوله: " رب بما أغويتني لازينن لهم في الارض " الحجر: 39.
ويؤدي ذلك إلى الغفلة عن مقام الحق وهو الاصل الذي ينتهي ويحلل إليه كل ذنب قال تعالى: " ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الانس والجن لهم قلوب لا يفقهون بها
الصفحة 42

ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالانعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون " الاعراف: 179.
فاستقلال الانسان بنفسه وغفلته عن ربه وجميع ما يتفرع عليه من سيئ الاعتقاد وردئ الاوهام والافكار التي يرتضع عنها كل شرك وظلم إنما هي من تصرف الشيطان في عين إن الانسان يخيل إليه أنه هو الموجد لها القائم بها لما يراه من استقلال نفسه فقد صبغ نفسه صبغة لا يأتيه اعتقاد ولا عمل إلا صبغه بها.
وهذا هو دخوله تحت ولاية الشيطان وتدبيره وتصرفه من غير أن يتنبه لشئ أو يشعر بشئ وراء نفسه قال تعالى: " إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون " الاعراف: 27.
وولاية الشيطان على الانسان في المعاصي والمظالم على هذا النمط نظير ولاية الملائكة عليه في الطاعات والقربات، قال تعالى: " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياءكم في الحياة الدنيا " حم السجدة: 31، والله من ورائهم محيط وهو الولي لا ولي سواه قال تعالى: " ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع " السجدة: 4.
وهذا هو الاحتناك أي الالجام الذي ذكره فيما حكاه الله تعالى عنه بقوله: " قال أ رأيتك هذا الذي كرمت علي.
.
.
لاحتنكن ذريته إلا قليلا قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا " أسرى: 64، أي لالجمنهم فأتسلط عليهم تسلط راكب الدابة الملجم لها عليها يطيعونني فيما آمرهم ويتوجهون إلى حيث أشير لهم إليه من غير أي عصيان وجماح.
ويظهر من الآيات أن له جندا يعينونه فيما يأمر به ويساعدونه على ما يريد وهو القبيل الذي ذكر في الآية السابقة: " إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم " وهؤلاء وإن بلغوا من كثرة العدد وتفنن العمل ما بلغوا فإنما صنعهم صنع نفس إبليس ووسوستهم نفس وسوسته كما يدل عليه قوله: " لاغوينهم أجمعين " الحجر: 39،
الصفحة 43

وغيره مما حكته الآيات نظير ما يأتي به أعوان الملائكة العظام من الاعمال فتنسب إلى رئيسهم المستعمل لهم في ما يريده، قال تعالى في ملك الموت: " قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم " السجدة: 11، ثم قال: " حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون " الانعام: 61 إلى غير ذلك.
وتدل الآية: " الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس " الناس: 6 على أن في جنده اختلافا من حيث كون بعضهم من الجنة وبعضهم من الانس ويدل قوله: " أ فتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو " الكهف: 50، أن له ذريه هم من أعوانه وجنوده لكن لم يفصل كيفية إنتشاء ذريته منه.
كما أن هناك نوعا آخر من الاختلاف يدل عليه قوله: " وأجلب عليهم بخيلك ورجلك " في الآية المتقدمة، وهو الاختلاف من جهة الشدة والضعف وسرعة العمل وبطؤه فإن الفارق بين الخيل والرجل هو السرعة في اللحوق والادراك وعدمها.
وهناك نوع آخر من الاختلاف في العمل، وهو الاجتماع عليه والانفراد كما يدل عليه أيضا قوله تعالى: " وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون " المؤمنون: 98 ولعل قوله تعالى: " هل أنبؤكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون " الشعراء: 223 من هذا الباب.
فملخص البحث: أن إبليس لعنه الله موجود مخلوق ذو شعور وإرادة يدعو إلى الشر ويسوق إلى المعصية كان في مرتبة مشتركة مع الملائكة غير متميز منهم إلا بعد خلق الانسان وحينئذ تميز منهم ووقع في جانب الشر والفساد، وإليه يستند نوعا من الاستناد انحراف الانسان عن الصراط المستقيم وميله إلى جانب الشقاء والضلال، ووقوعه في المعصية والباطل كما أن الملك موجود مخلوق ذو إدراك وإرادة إليه يستند نوعا من الاستناد اهتداء الانسان إلى غاية السعادة ومنزل الكمال والقرب، وإن لابليس أعوانا من الجن والانس وذرية مختلفي الانواع يجرون بأمره إياهم أن يتصرفوا في جميع ما يرتبط به الانسان من الدنيا وما فيها بإظهار الباطل في صورة الحق، وتزيين القبيح في صورة الحسن الجميل.
الصفحة 44

وهم يتصرفون في قلب الانسان وفي بدنه وفي سائر شؤون الحياة الدنيا من أموال وبنين وغير ذلك بتصرفات مختلفة اجتماعا وانفرادا، وسرعة وبطؤا، وبلا واسطة ومع الواسطة والواسطه ربما كانت خيرا أو شرا وطاعة أو معصية.
ولا يشعر الانسان في شئ من ذلك بهم ولا أعمالهم بل لا يشعر إلا بنفسه ولا يقع بصره إلا بعمله فلا أفعالهم مزاحمة لاعمال الانسان ولا ذواتهم وأعيانهم في عرض وجود الانسان غير أن الله سبحانه أخبرنا أن إبليس من الجن وأنهم مخلوقون من النار، وكان أول وجوده وآخره مختلفان.
(بحث عقلي وقرآني مختلط) قال في روح المعاني: وقد ذكر الشهرستاني عن شارح الاناجيل الاربعة صورة مناظرة جرت بين الملائكة وبين إبليس بعد هذه الحادثة، وقد ذكرت في التوراة، وهي أن اللعين قال للملائكة: إني أسلم أن لي إلها هو خالقي وموجدي لكن لي على حكمه أسئلة: الاول: ما الحكمة في الخلق لا سيما وقد كان عالما أن الكافر لا يستوجب عند خلقه إلا النار؟.
الثاني: ما الفائدة في التكليف مع أنه لا يعود إليه منه نفع ولا ضرر، وكل ما يعود إلى المكلفين فهو قادر على تحصيله لهم من غير واسطة التكليف؟.
الثالث: هب أنه كلفني بمعرفته وطاعته فلماذا كلفني بالسجود لآدم؟.
الرابع: لما عصيته في ترك السجود فلم لعنني وأوجب عقابي مع أنه لا فائدة له ولا لغيره فيه ولي فيه أعظم الضرر؟.

الخامس: أنه لما فعل ذلك لم سلطني على أولاده ومكنني من إغوائهم وإضلالهم؟.
السادس: لما استمهلته المدة الطويلة في ذلك فلم أمهلنى ومعلوم أنه لو كان العالم خاليا من الشر لكان ذلك خيرا؟.
الصفحة 45

قال شارح الاناجيل: فأوحى الله تعالى إليه من سرادق العظمة والكبرياء: يا إبليس أنت ما عرفتني، ولو عرفتني لعلمت أنه لا اعتراض علي في شئ من أفعالي فإني أنا الله لا إله إلا أنا لا أسال عما أفعل، (انتهى).
ثم قال الآلوسي: قال الامام - الرازي - إنه لو اجتمع الاولون والآخرون من الخلائق وحكموا بتحسين العقل وتقبيحه لم يجدوا من هذه الشبهات مخلصا، وكان الكل لازما.
ثم قال الآلوسي: ويعجبني ما يحكى أن سيف الدولة بن حمدان خرج يوما على جماعته فقال: قد عملت بيتا ما أحسب أن أحدا يعمل له ثانيا إلا أن كان أبا فراس وكان أبو فراس جالسا، فقيل له: ما هو فقال: قولي: لك جسمي تعله * فدمي لن تطله فابتدر أبو فراس قائلا: قال إن كنت مالكا * فلي الامر كله.
انتهى أقول: ما مر من البيان في أول الكلام السابق يصلح لدفع هذه الشبهات الستة عن آخرها ويكفي مؤنتها من غير أن يحتاج إلى اجتماع الاولين والآخرين ثم لا ينفعهم اجتماعهم على ما ادعاه الامام فليست بذاك الذي يحسب، ولتوضيح الامر نقول: أما الشبهة الاولى: فالمراد بالحكمة - وهي جهة الخير والصلاح الذي يدعو الفاعل إلى الفعل في الخلق إما الحكمة في مطلق الخلق وهو ما سوى الله سبحانه من العالم، وإما الحكمة في خلق الانسان خاصة.
فإن كان سؤالا عن الحكمة في مطلق الخلق والايجاد فمن المبرهن عليه أنه فاعل تام لمجموع ما سواه غير مفتقر في ذلك إلى متمم يتمم فاعليته ويصلح له ألوهيته فهو مبدء لما سواه منبع لكل خير ورحمة بذاته، واقتضاء المبدء لما هو مبدء له ضروري، والسؤال عن الضروري لغو كما أن ملكة الجود تقتضي بذاتها أن ينتشر أثرها وتظهر بركاتها لا لاستدعاء أمر آخر وراء نفسها يوجب لها ظهور الاثر وإلا لم تكن ملكة، فظهور أثرها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://back95.yoo7.com
 
الميزان في تفسير القران الكريم الصفحة31
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الميزان في تفسير القران الكريم
» الميزان في تفسير القران الكريم الجزء الثامن
» دعاء عند قراءة القران الكريم
» تحميل القران الكريم
» فضل الاستماع الى القران الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عشاق وعاشقات اهل البيت عليهم السلام :: فئة الاسلامية والحسينية :: منتدى الاسلامية-
انتقل الى: