نصر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها فكم من حامل فقه إلى من هو افقه منه، ثلاثة لا يغل عليها قلب عبد مسلم، إخلاص العمل لله والنصيحة لائمة المسلمين واللزوم لجماعتهم، فان دعوتهم محيطه من ورائهم، المسلمون اخوة تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم.
ومن خطبة له (ص) يذكر فيها شهر رمضان:
أيها الناس قد اقبل إليكم شهر رمضان بالبركة والرحمة والمغفرة شهره ابرك الشهور وأيامه افضل الأيام ولياليه افضل الليالي وساعاته افضل الساعات وقد دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه مناهل كرامته أنفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فالشقي من حرم غفران الله فيه، فاذكروا بجوعكم وعطشكم، جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقروا كباركم وارحموا صغاركم وصلوا أرحامكم وغضوا عما لا يحل النظر إليه، أبصاركم وعما لا يحل الاستماع إليه، أسماعكم، وتحننوا على أيتام الناس، يتحنن الله على أيتامكم، وتوبوا إلى الله من ذنوبكم، وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم، فإنها افضل الساعات، ينظر الله عباده فيها بالرحمة، ويجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه.
أيها الناس من حسن في هذا الشهر خلقه، كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الأقدام ومن خفف فيه عما ملكت يمينه، خفف الله حسابه، ومن كف فيه شره، كف الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه، وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن تطوع فيه بصلاة، كتب له براءة من النار، ومن أدى فيه فرضا، كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، ومن كثر فيه من الصلاة ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين، ومن تلا فيه آية من القرآن، كان له اجر من ختم القرآن في غيره، ألا إن أبواب الجنة مفتحة فيه أسالوا ربكم أن لا يغلقها عنكم وأبواب النار مغلقة فأسالوا ربكم أن لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة فأسالوا ربكم أن لا يسلطها عليكم.